Friday 15 February 2008

لقطات من حياة الست سعاد – عن كوب شاي

تدس قدماها في الخف بعنف و تمشي ببطء في اتجاه باب غرفة النوم. بطء حركتها اللا إرادي يزيد من حنقها؛ تريد الخروج من الغرفة بسرعة. تقترب الجدران منها كأنها وحش قرر أن يفترسها، تفرك عيناها و تقف للحظات في وسط الغرفة، تتسأل ان كانت قادرة علي فتح باب أم ستظل حبيسة غرفة نومها، يفترسها الوحش فتختفي و لا يعرف لها أحد "طريق جرة". تبتسم معجبة بالفكرة، تميل بطبعها لللا معقول و تحبذ المستحيل، ففي المعجزات تكمن روعة الكون.

تستعيد توازنها فتعود الجدران ادراجها مفسحة لها الطريق و تفتح الباب بسهولة. تتوضأ و تصلي ثم تدلف الي المطبخ و غطاء الصلاة مازال يعتلي رأسها فقط تزحزح بعض الشئ مظهرا منبت شعرها المصبوغ حديثا. تفتح شباك صغير يطل علي المنور.


انه نفس الشباك الصغير الذي رأت منه جمال ابن عبد الخالق حارس العقار يتهاوي حتي ارتطم جسده الشاب بالأرض فأطبق صمت علي العمارة لم تعهده من قبل حتي ذكراه الأربعين. لم ترتدي عزيزة – أمه- السواد خصيصا عليه فمنذ وقعت عين الحاجة سعاد عليها و هي تلتحف به.

تملاء ابريق الشاي الإستانلس و تضعه علي الموقد. تسمع صوت المياة و قد انهمرت دفعة واحدة من صنبور جارتها (التي نزحت قبل ربع قرن الي القاهرة من بورسعيد)، تقترب من الشباك و بصوت قد يسمعه أغلب سكان العقار تنادي علي جارتها "تعالي، الشاي عالنار".

"هنشر الغسيل و أجي يا طنط" ترد الجارة


تبتسم و تقرر نسيان حلم القيلولة المزعج. ترمق البراد فتلاحظ ان نصفه الأسفل ازداد اصفرارا، تتجاهله و تتجه الي غرفة السفرة، تمد يمناها بسرعة و تلتقط أعواد النعناع الجاف و تعود الي المطبخ. يرسل الماء اشارات استغاثة اولية فتنظر ناحية البراد متجاهلة نصفه الأصفر...تسرع خارج المطبخ و ترفع سماعة التليفون. تهاتف احداهن "هاتي لي معاكي ليف سلك".

تضع السماعة و تعود الي براد الشاي، حيث بدأت فقاعات صغيرة في التراص حتي صارت دائرة؛ دائرة من الفقاقيع المستغيثة تحاول الهرب من نصف البراد الأصفر القبيح..


برفق راحت تخلص اوراق النعناع من الفروع الجافة ثم فركتهم بين راحتيها حتي صاروا تراب ناعم أخضر اللون- زكمت انفها رائحته التي تنتظرها مع كل كوب شاي تقوم باعداده- ألقت به وسط الدائرة التي تكدست بالفقاعات المعذبة المتفاوتة الأحجام وتبعته بحركة أكروباتية سريعة بملعقتي شاي ناعم، ثم أحكمت غطاء البراد علي الفوهة و وضعته مع الأكواب، و السكرية، و ملعقة صغيرة في الصينية.

6 comments:

Dina El Hawary (dido's) said...

A M A Z I N G
:):):):):):):)
Great Stuff is happening here ya Narnoura ...
وصف المشاهد رائع رائع رائع .. والتفاصيل الدقيقة هايلة

ya3ny I cant wait to know what will happen .. bass begad I see a Remarkable progress in the language and the story telling!!

Nerro said...

this is so motivating ya Dido, am happy there is a progress..it is a really good exercise for me :D
Can't thank you enough sweetest Dido ever

Anonymous said...

Her hair is recently dyed? :) Dala3 awy el sett SouSou dee ya Nerro :))

I do agree with Dido... your attention to details is just stunning... brings the picture live and vivid before the reader's eyes! :)

Law sama7ty, khally el sett So3ad teshed 7eilha keda we te-inspire you to write more besor3a :D

Dr. Eyad Harfoush said...

مصرية كتابتك بالعربية مصرية تبعث الشجن و تطلق بالقلب قوافل الذكريات و تداعب الأنف برائحة الأماكن و أغرب ما فيها موسوعية لغتك من روحها الانجليزية الى روحها المصرية ، فتحية للروحين
اياد

Nerro said...

Mayo: thanks ya gamila, am flattered awi :D

Eyad: eih el kalam el kebeer da!! thanks a mil :D

Hamed Ibrahim said...
This comment has been removed by the author.